الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرض والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
ثم أما بعد :
تحية طيبة لكل الإخوة مشرفين وأعضاء
~ منتدى القرآن الكريم ~
"سورة البقرة":
قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} الآية 125.
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه ج2 ص51 حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم عن حميد عن أنس قال عمر وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} ، وآية الحجاب. قلت: يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن. فنزلت هذه الآية. ثم ذكره الإمام البخاري في التفسير ج9 ص235 وفي متابعة يحيى بن سعد لهشيم وذكره في الموضعين تعليقا في التصريح بسماع حميد من أنس قال الحافظ في الفتح ج2 ص51: فأمن من تدليسه.
الحديث أخرجه الترمذي ج4 ص69 وقال هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن ابن عمر واقتصر على قوله {وَاتَّخِذُوا} الآية. وعزاه الحافظ ابن كثير في التفسير 1 ص169 إلى النسائي، وابن ماجه، وأخرجه ج1 ص24 وص36، والطبري ج1 ص534 بمثل ما عند الترمذي.
وقد أخرج مسلم في المناقب من حديث ابن عمر نحوه فذكر مقام إبراهيم وأسارى بدر والحجاب.
قوله تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية 89.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزل الآيات من البقرة {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} ا. هـ من سيرة ابن هشام ج1 ص211، وهو حديث حسن، فإن ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث فحديثه حسن كما ذكره الحافظ الذهبي في الميزان.