ضجرت روحي فرحت أجول في غابة خضراء
تعبتُ فأردتُ الجلوس فلاحت أمامي صخرة عبلاء
أسرعت لها لأستريحَ جالسا هاربا من شمس شوهاء
هناك اتّخذت ركني ومن ورائي أشجار هدباء
ثمّ ادّكرت بعد راحةٍ لعبةً أقذف فيها حجارة ملساء
على هدف من لائحةٍ أو قارورةٍ وبضربة عوجاء
مثّلتُ المشهد حالا واتّخذت جِلسة القرفصاء
وفجأةً مرّت من أمامي فتاةٌ فاتنةٌ تضع قبّعةً سوداء
بدت عليها آثار تعبٍ وكانت تقود شاةً عرجاء
مرّت دون التفات لي فومضت ومضت وكأنّها عزّة الوعساء
ولبرهةٍ تشّرد فكري وتفكّك جمعي كأنّي في عاصفة هوجاء
أأقصُّها عن جنب أمْ أتّبعها وداهمتني حيرة عمياء
فاتّبعتها رغما عنّي فأدركتها مسرعا فالتفتت لي التفاتةً زوراء
قالت ما خطبك إذ تتعقّبني ودونك عنّي يا هذا إنّ أرضي عفراء
يا لجمالها ويا لصوتها الرّنّان تتكلم و تجلّت عيناها حوراء
قلتُ حاشا لله ما أنا باغيا إن أنا إلا رجل حالُه غبراء
وما ظنّي بكِ إلا حسنا وإنّما رأفت بحالِ شاتكِ العرجاء
وما خطبُ الشاةِ ما أعرجَها؟ قالت لدغتها حيّة رقطاء
دعيني أعنْكِ وأداو جرحَ الشاةِ واستريحي عند شجرِ الهندباء
جلستْ واستوت تحت الظّلّ كقاصرةِ طرفِ حوريّة غيداء
وفي خفّي حملت الماء ومزجته بما دققتُ من أعشاب الفيحاء
وشددتُ عزمي لأزيل السمّ من قدم الشاة ومعرفتي صمّاء
وبعونٍ الله طبّبتُها وبأمرهِ ثغتْ بعدما كانت شاةً خرساء
ضحكتُ واستبشرتْ خيرا الفتاة وظهرتْ فيها ميزةٌ سيماء
فسألتها من أنتِ يا فتاةُ دانيا منها وخصلاتُ شعرِها صهباء
قالت أنا بنتُ الرّيف وحيدةُ أبويّ وتلكَ أمّي امرأةً حدباء
من أين تقتاتونَ وكيف تعيشون لو داهمتكم ليلة ظلماء؟
قالت من بين فرث ولبنِ غنم نستسيغه وعندنا ناقةٌ قرماء
من جنوبها نأكل ونطعم ونبتاع رزقا فتكون حياتنا رغداء
قلتُ يا حبّذا مثلكِ فتيات ويا نعم البناتُ شاكلتَك يا زهراء
فالتفتُّ إلى الوراء باحثا عن سبيل لأجدَ فيها وردةً حمراء
قد حصحص وقتي فوجدتها سأهديكِها فقَبِلَتها ولمَسَتُها غيساء
وعلى عنقها لمحتُ لمحا مُحِلّا ولمعا عَلَما عنبرا من شامةٍ سمراء
قلتُ لا إله إلا الله! لقد كدتُ أُمزّقُ وروحي صارتْ طرشاء
تبسّمت ضاحكةً منّي قائلة : أما قابلتَ يوما فتاةً عزباء؟
فانطلقت ْ إلى الشاة وغادرتْ كمشكاةٍ ومشتْ كميّاسةٍ ميساء
وهل لي إلى اسمكِ من سبيل للوصول؟ قالت إنّ اسمي شيماء
ولما قالت شيماء أيقنتُ محاسنَ فيها أكثر وعرفتُ أنّها عذراء
شيماء وسيماء وميساء وعزباء تلك العذراء
ليت لي كوكبٌ غير الأرض ملكا يكون لها فلاةً تيماء